الموقع التربوي: رشيد الكنبور المنتدى التربوي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الموقع التربوي: رشيد الكنبور المنتدى التربوي

مرحبا بالجميع
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 "الأسس المعرفية والتكنولوجية للفكر ....

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Houria




عدد الرسائل : 366
تاريخ التسجيل : 20/12/2006

"الأسس المعرفية والتكنولوجية للفكر .... Empty
مُساهمةموضوع: "الأسس المعرفية والتكنولوجية للفكر ....   "الأسس المعرفية والتكنولوجية للفكر .... Emptyالأحد نوفمبر 29, 2009 11:07 am


"الأسس المعرفية والتكنولوجية للفكر التربوي العربي المعاصر"

ليلى العقاد, المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم, تونس, 2003, 100 ص.





تبدأ المؤلفة بحثها بتحديد الإطار العام قائلة: "إذا كان الهدف الأساسي للفكر التربوي، هو ذلك المشروع الحضاري، فإنه يستند بالضرورة إلى عملية التواصل بين الماضي والحاضر والمستقبل من جهة، والتفاعل مع معطيات المجتمعات البشرية، على اختلاف نماذجها، زمنيا ومكانيا، من جهة أخرى".

من هنا, تقول الكاتبة, "يبدو البحث في موضوع الفكر التربوي العربي، مرتبطا بالبحث في مضامين الفكر التربوي العالمي، في ماضيه وحاضره، وفي اهتماماته وتطلعاته، وفي أساليبه وأغراضه. على أن ذلك الارتباط لا يعني بأي شكل، الالتزام بتوجهات تربوية تخالف طبيعة المجتمع العربي، أو تعد غرائبية بالنسبة لأبنائه، وإنما تعني التفاعل مع ما أنتجته البشرية من نظريات تخدم التوجهات العامة للشعوب، وتقع في إطار الأنسنة، بحيث يتحول هذا التفاعل باتجاه تطوير النظريات المحلية، وتعميق علاقتها مع طموحات أبناء المجتمع".
هذا الكتاب ليس طرحا نسقي المنهج, ولا يخضع لتراتبية تقليدية في البحث, بقدر ما هو طرح للعديد من القضايا والإشكالات, تضعها المؤلفة بين يدي القارئ بغرض المساهمة في فهم الإشكالية التربوية بالوطن العربي.



1- من هنا, ففي عرضها لتطور الأفكار التربوية, تميز الكاتبة بين ثلاثة مذاهب كبرى لكل واحد منها تصوره لدور ووظيفة التربية:
الأول هو المذهب الإنساني الواقعي, الذي يرى أن الآداب الكلاسيكية ليست مطلوبة بحد ذاتها, ولكن كوسيلة لكسب المعرفة.


المذهب الثاني هو المذهب الاجتماعي الواقعي, الذي يرى التربية وسيلة لإعداد "الرجل المتعلم المهذب, أي الناجح اجتماعيا".

أما المذهب الثالث فهو المذهب الحسي الواقعي, الذي يعتمد الوسيلة الحسية في الإدراك ويرى ضرورة تحقيق إنماء شامل للطفل. ويرتكز على طريقة الاستقراء في عملية التعليم. ومن أبرز مفكري هذا المذهب فرانسيس بيكون "الفيلسوف التجريبي الذي آمن بهدف عملي للمعرفة, ورأى أن عدة عقبات تحول بين العقل البشري والمعرفة، ومن أبرزها: أوهام القبيلة, وهي الإرث الجماعي القديم عند الفرد, وأوهام الكهف, وهي ميول الفرد الخاصة وأوهام السوق, وهي تقاليد الجماعة وقصور وسائل الاتصال اللغوي, وأوهام المسرح, وهي العقبات العقيدية".

أما النزعات التربوية الطاغية منذ القرن التاسع عشر وإلى أواسط القرن العشرين, فتميز المؤلفة ضمنها ثلاثا:

+ النزعة النفسية, وتنطلق من اعتبار أن التربية إنما هي فعل نماء في الطبيعة والفطرة, وأن ثمة علاقة بين العمليات النفسية والجسدية في التربية.

+ والنزعة العلمية, وتتميز بالإيمان بأهمية العلوم الحديثة في تحقيق الحياة الكاملة للفرد، و"انتقاد التعليم القديم المرتكزعلى اللغات والآداب والتاريخ، والمناداة بإعطاء العلوم الطبيعية والبيولوجية مركزها في المناهج التربوية، والاعتقاد أن المادة المعرفية في التعليم أهم من طريقة التعليم نفسها".

+ ثم النزعة الاجتماعية, التي تختلف عن النزعتين السابقتين في "جعلها المجتمع وحاجاته مركزا أساسيا للاهتمام. وقد عزز بروز هذه النزعة، التطور السياسي الليبرالي الديمقراطي في الغرب بعد الثورة الفرنسية والثورة الصناعية، وبروز الدولة ككيان كلي يزداد أهمية في رسم مصائر الأفراد وتنظيم كتلهم الاجتماعية".

2- وفي عرضها لفلسفة التربية, تقول الكاتبة: "إذا كانت التربية جزءا من الوجود الإنساني تماما كالفن والعلم واللغة، فهذا يتطلب وجود فلسفة للتربية بالطريقة نفسها التي توجد فيها فلسفة للفن والعلم واللغة"...على اعتبار أنه " لا وجود لعمل أو للغة أو لثقافة بغير تربية".

وتستشهد المؤلفة بكتاب "أوليفيه ربول" ("فلسفة التربية") حيث يقول: "لا تسأل فلسفة التربية عن كيفية معالجة عسر القراءة والفهم, بل من أين تأتي أهمية فعل القراءة. وهي لا تطمح إلى تحسين العلاقات بين الوالدين وأبناءهم، بل تستعلم عن طبيعة الأسرة وقيمتها وحدودها, وبكلمة أخرى، عن معناها. وهي لا تعني إقامة منهج مدرسي، بل تبحث في القيمة الثقافية لدى مختلف الفروع المدرسية. وهي تضعنا تدريجيا أمام المسألة الأكثر أصالة: من هو الإنسان لكي يتحتم علينا أن نربيه؟".

وتميز الكاتبة بين التعلم والتربية بالقول: "التربية والتعلم لا يختلطان, كما أنهما ليسا واقعين متميزين تماما. والفارق بينهما هو بالأحرى فارق في ما يتعلق بالجنس والنوع: فالتعلم هو نوع من التربية".

التعليم إذن لا يهدف إلى التنشئة التقنية, ولا يهدف إلى التلقين في ما يتعلق بجماعة ما، بل يهدف إلى الثقافة الإنسانية, إلى تثقيف الإنسان.
3- وتحدد المؤلفة مفهوم النظام التربوي في كونه "الإطار الذي يندرج تحته أو ينتظم فيه كل ما يتعلق بالتعليم من فلسفة، و أهداف، وسياسة، ومناهج، وبرامج، والتي يفترض أن تكون مرتبطة". هو، وبشكل أعم, "مجموعة من العناصر التي تحكمها علاقات, بحيث أن أي تغيير في أحد هذه العناصر أو العلاقات, يؤدي إلى تغيير في العناصر أو العلاقات الباقية، فهو كل متكامل".
ومفهوم النظام التربوي يحيل, في نظر الكاتبة, على علم اجتماع التربية حيث هذه الأخيرة إنما هي "مجموعة المؤثرات المختلفة التي توجه حياة الفرد وتسيطر عليها".
وهي هنا إنما تشدد على ناحيتين: "الأولى أن التربية لا تظهر في عمل واحد، أو مهمة واحدة أو مرحلة واحدة من حياة الإنسان. إنها جملة مهمات، إنها مؤثرات مختلفة متنوعة. إنها تجري ضمن الزمن, ولكن دون أن تحدد بفترة معينة من حياة الإنسان".
أما الثانية فهي "عملية تتضمن التوجيه. فالفرد الذي يكون موضوع التربية يتلقاها وقد تضمنت غايات وأغراضا تميل إلى اتجاه. فهي توجهه مثلا نحو تكوين مهارة مهنية، أو نحو تكوين قدرة لغوية، أو نحو تكوين قدرة على تناول الطعام، أو نحو تكوين قدرة في لعبة من الألعاب إلخ. وهنا تكون كلمة السيطرة التي يشير إليها هذا التعريف, جزءا من عملية التوجيه, يؤكد على قوة فكرة التوجيه داخل العملية التربوية".


بالتالي, فإننا هنا إنما أمام عملية تفاعل أحد طرفيها الفرد، والطرف الثاني المجتمع.
4- وعن وظيفة التربية, تتحدث الكاتبة عن:


°- وظيفة نقل التراث الثقافي من الأجيال السابقة إلى الأجيال اللاحقة, حتى تبقى وتستمر. فالحياة الإنسانية "تتجدد وتنمو, ويضطرد تقدمها عن طريق نقل التراث الثقافي من جيل إلى جيل، ويقوم كل جيل إنساني بالإضافة إليه والحذف منه والتغيير فيه والتصحيح والتطوير".


°- وظيفة التطبيع الاجتماعي, بجهة انتقال الفرد "من طور الفردية البيولوجية إلى المرحلة النفسية والاجتماعية. ولهذا كان اكتساب الصفات الإنسانية عملا أساسيا تقوم به التربية. فهي ضرورة فردية, كما هي ضرورة اجتماعية على حد سواء".

°- وظيفة تحقيق النمو الشامل, كي يعيش الفرد حياته متفاعلا مع بيئته المادية والاجتماعية. "فالنمو هو الحياة، وبما أن التربية هي نمو, فمعنى ذلك أن التربية والحياة شيء واحد".

°- وظيفة اكتساب الأنماط السلوكية المختلفة, بمعنى أن الطفل يمر بعملية تعليمية "يكتسب نتيجة لها الاستجابات السلوكية المختلفة التي يواجه بها مواقف الحياة المختلفة. هذه العملية التعليمية هي التربية. وعلى الرغم من تشابه المثيرات في المجتمعات المختلفة, إلا أن استجاباتها تتباين بين مجتمع وآخر، فهبوب الرياح مثلا يؤدي إلى استجابات تختلف باختلاف طبيعة المجتمعات, كونها متحضرة أو بدائية".

°- وظيفة اكتساب الخبرات الاجتماعية والقيم الخلقية والجمالية, حيث تقوم عملية الانتماء على "اكتساب خبرات متشابهة بين أفراد الجماعة جميعا, وذلك عن طريق التربية".

°- وظيفة اكتساب اللغة, إذ يتعلم الطفل اللغة واساليب الكلام من مخالطيه في مراحل نموه الأولى، "وتكون اللغة والمعرفة عندئذ في أبسط صورهما. فالطفل عندما يسمع الصوت، فأنه غالبا مايسمعه مرتبطا بشيء محسوس, وباستعمال هذا الصوت مع هذا الشيء في مواقف ذات نشاط مشترك بين طرفين، تكون المعرفة في أبسط صورها".

من جهة أخرى, توضح الكاتبة أن الغرض من التربية هو الذي يحدد للمربي طريق السير, ووضع النظام العام واختيار مواده.



"الأسس المعرفية والتكنولوجية للفكر .... Icon_arrow يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Houria




عدد الرسائل : 366
تاريخ التسجيل : 20/12/2006

"الأسس المعرفية والتكنولوجية للفكر .... Empty
مُساهمةموضوع: رد: "الأسس المعرفية والتكنولوجية للفكر ....   "الأسس المعرفية والتكنولوجية للفكر .... Emptyالأحد نوفمبر 29, 2009 11:09 am

كما أنه بات للتربية دور رئيسي هام في حياة الشعوب. "وقد برزت أهمية التربية وقيمتها في تطوير الشعوب وتنميتها الاجتماعية والاقتصادية, وفي زيادة قدرتها الذاتية على مواجهة التحديات, بل أصبحت لاتقل من حيث الأولوية عن أولوية الدفاع والأمن القومي".


كما أنه أصبح "ينظر للتربية من الناحية الاقتصادية, على أنها استثمار قومي للموارد البشرية", ومن الناحية السياسية, كونها باتت ضرورة لإرساء الديمقراطية الصحيحة.
5- في محور الأسس المعرفية, تركز المؤلفة على الثورة التكنولوجية الحالية في مجال المعلومات وتبدأ بالاستشهاد بالفيلسوف ليوتار الذي ينذر بأن "المعرفة، بصفتها سلعة معلوماتية, لا غنى عنها للقوة الإنتاجية. فقد أصبحت، وستظل، من أهم مجالات التنافس العالمي, إن لم تكن أهمها, من أجل إحراز القوة. ويبدو من غير المستبعد أن تدخل دول العالم في حرب من أجل السيطرة على المعلومات، كما حاربت في الماضي من أجل السيطرة على المستعمرات، وبعد ذلك من أجل الحصول على المواد الخام والعمالة الرخيصة واستغلالها. لقد فتح مجال جديد أمام الفكر الإستراتيجي التجاري من جهة، والسياسي والعسكري من جهة أخرى".
وتحدد المؤلفة السمات الكبرى التي تطبع الثورة الراهنة:


°- فهي, في تصورها, تجنح إلى توحيد العالم في سياق واحد. كما تعمل على "إلغاء الأثر التقليدي للتمايز الجغرافي وللحدود السياسية، التي كانت تشكل ضمانة وشرطا وعاملا متميزا ومستقلا في تكوين نمط الحياة, والعمل في المرحلة السابقة وحتى الثورة الصناعية, أي عالم السيادة القومية".

°- وهي (الثورة تقصد) تجنح إلى تحويل الثقافة إلى مركز الثقل, مع تزايد التركيز على التأهيل والتكوين المهني، وعلى البحث العلمي، وعلى النظم التقنية، وعلى الأنساق المتكاملة لنظم الاتصال ونقل المعلومات... الخ.

°- وهي تجنح أيضا إلى تركيز الثروة بين أياد محدودة, مع تعميق التهميش لمناطق وجهات من العالم متعددة.
6- بجانب الأسس التكنولوجية, تركز المؤلفة على انه "إذا كان الهدف الأعظم للعملية التربوية، يرتكز على الاتجاه نحو التغيير الإيجابي وبناء مجتمع أفضل، تتكرس فيه طموحات الناس وآمالهم في التطور، فإن الانتقال إلى هذا التحول الجوهري لايتم إلا باتحاد العلم مع التقنية. فهذه الحالة تستجيب لحاجة الإنسان العميقة إلى التحرر من ضغوط الطبيعة وقهرها. وفي حين يجهد العلم في فك رموز الأنظمة الخفية للكائنات والأشياء، تترجم التقنية هذه المكتشفات إلى أدوات ووسائل قادرة على انتزاع الموارد من إطارها الطبيعي".



وترجع الكاتبة التغيير في الحقل العلمي والتقني إلى "إعادة النظر المتواصلة في الحالة الحاضرة للمعارف والبحث عن فرضيات جديدة للعمل. وعلى العكس, فإن المشاكل الاجتماعية, الاقتصادية, والاجتماعية والسياسية تنتج أساسا عن تعلق الفئات الموجهة بالنظام القائم, وعن خلافات عدم التطابق الناتجة عن استحالة أو رفض تحويل المؤسسات المتصلبة, والأساليب البالية وذلك تجاه الفئات الأخرى".

إن كل نظرية جديدة هي تجديد بكل معنى الكلمة في مجال المعرفة، تقول المؤلفة. "فإذا اعترفنا بأن المعرفة والفكر هما المصادر الأولى لكل تغيير، فإن واضعي النظريات وبشكل خاص ناشري أفكارهم، هم خميرة التغيير الاجتماعي. ومع ذلك, فلكي يكونوا بمثابة الخميرة, يجب أن لا يقتصر النشر على محيطهم الأصلي, بل يجب أن ينفذ بجميع أقنية الإعلام الممكنة إلى جميع مجالات التعليم والتقنية والإنتاج والتنظيم الاجتماعي".

بالتالي, فإن التفكير والتأثير على المستقبل، "يجب أن يتجها... نحو برمجة بالأهداف, تشمل مجموع قطاع التعليم في تفاعله مع جميع القطاعات الأخرى في المجتمع، وفي مقدمتها قطاع الأنظمة التربوية, وتصور هذه البرمجة كصلة عضوية بين تحليل المعطيات والقرار وتدابير التنفيذ وأدوات المراقبة. وهي لا تهدف إلى حصر قطاع التعليم في طوق قسري, بل إلى دراسة الحلول المختلفة, لكي تترك المجال لاستراتيجيات متناوبة, خاضعة هي نفسها لفحص ونقد من مختلف الفئات الاجتماعية, التي تسهم مباشرة في عملية التعليم ومن مجموع السكان".

إن التعليم, تؤكد المؤلفة, إنما "يتوخى أهدافا متعددة تتراوح بين تنمية القابليات, وبين تكوين الشخصية, وبين تهيئة الفرد للحياة العاملة, وبين التدريب الاجتماعي للفرد. فمن وجهة النظر الاقتصادية, يمكن اعتباره في آن واحد مال إنتاج ومال استهلاك, أو كهدف في ذاته وكوسيلة لبلوغ أهداف أخرى، فكيف نجعل هذه الأهداف قابلة للقياس والمقارنة؟".

وتذكر الكاتبة هنا "بأن العديد من المختصين ما يزالون يعتبرون أن الزمن الكافي لتقييم أي إصلاح في التعليم لا يقل عن جيل أي 25 سنة، لكي نرى الهوة التي تفصل نظام التعليم الحالي عن النظام الذي يحتاجه مجتمع معارف, متجه بصورة أساسية نحو استغلال مراقب للتغيير. ففي مثل هذا المجتمع, ستكون التربية عملية مستمرة تنشر أمامها أهداف المعارف. وهذه الأهداف تحدد بدورها مناهج التعليم والكفاءات وتخصيص الموارد".

من جهة أخرى, ترى الكاتبة أن "فعالية قطاع التعليم هي في مركز الاهتمامات وستظل كذلك, بل ويزداد وضعها متانة. ويبدو أن مراكز اتخاذ القرارات قد اقتنعت بان الإصلاحات الفلسفية لا تكفي, ولابد من أبحاث مادية مرتبطة بالطبقات الاجتماعية الأخرى, لكي يتقدم الإعلام ويحصل بالتالي تخصيص افضل للموارد في مناخ مبادرات جماعية. فالسويد والنرويج مثلا, تتركان لتقدير السلطات المحلية أمر تحديد أساليب تطبيق التوجيهات الوطنية في حقل التعليم الثانوي. وهذا المنهج يتيح الحكم على مدى التجديدات المقترحة، وفي الوقت نفسه يخفف من حدة الخلافات ذات الصفة الإيديولوجية, كما يخفف من الشك بالنسبة لما تفرضه الموارد من قسر".

إن العلم, تقول المؤلفة, ينتج معارف, وبالتالي ينتج بذور تغيير. و"هذه البذور يمكن أن تنتشر بدون قصد ظاهر. ومع ذلك, فإن البحث المنظم يربط هذه البذور بإرادة استغلال منظمة بغرض التجديد التكنولوجي، علما بأن التجديد التكنولوجي قد أصبح أداة هامة من أدوات السياسة".

7- بمحور العملية التربوية وأنظمة الاتصال, تؤكد المؤلفة على القول بأن "ما يهم ليس ما هو في كتبنا وتلفزيوناتنا وكمبيوتراتنا، وإنما هو ما تتقبله عقولنا, ولماذا نريد تعلمه. ومع ذلك، فكما أشار فيلسوف الاتصالات ماك لوهان, فإن الشكل يمثل جزءا كبيرا مما ينطبع في أذهاننا، ونحن نتشكل وفقا لما ندركه. إن شكل وسيلة نقل المعلومات ليس حياديا، فهو يملي نوع المعلومات المنقولة، كما يؤثر في عمليات التفكير في آن واحد".

وتتابع: "إن التحولات الهيكلية في التعليم بمساعدة الكمبيوتر تعكس التغيرات الحاصلة في صناعة هذا المنتج الجديد، كالانتقال من المركزية والأجهزة المضيفة، إلى الأجهزة الموزعة والمتصلة عبر الشبكات. وتمثل هذه التحولات، كذلك، أسلوبا جديدا للتفكير في النظرية التربوية. فبدلا من اتجاه واحد للمعلومات، كما تمثله برامج التلفزيون أو المعلمون الذين يعلمون مجموعات من الطلبة المتلقين، أصبحت التقنيات التربوية الحديثة، مثل شبكة الإنترنت، ثنائية الاتجاه معرفيا، وتعاونية وذاتية الانضباط".
لكن التقنيات وحدها ليست هي الحل، ذلك أن جني منافع الكمبيوتر "يتطلب أولا، تدريبا مكثفا للمعلم، ومناهج جديدة, والأهم من ذلك تغييرا في الأنماط التربوية. وقد أكدت النظريات التربوية الحديثة، المستقاة من أعمال باحثين مثل عالم النفس السويسري جان بياجيه، والأمريكي سايمور بابيرت والروسي ليف فيغوتسكي، على أهمية التعليم المفرد، والعمل الجماعي، والاستكشاف الموجه للمعرفة".


8- بمحور "آفاق التربية العربية", تؤكد المؤلفة على استناد الأنظمة التربوية العربية على التربية الإسلامية من جهة، وتأثرها بالتربية التي حاول المستعمر فرضها، خلال فترة الاستعمار، من جهة أخرى. وفي حين تجنح هذه التربية في عدد من البلدان العربية، "نحو ارتباط قوي مع التربية الإسلامية، إلا أن عددا آخر من البلدان العربية يكاد يخضع في نظامه التربوي، للأنظمة التربوية التي خلفها المستعمر".
وبين هذا التوجه وذاك، "نجد عددا آخر من الدول العربية، يسعى لبناء منظومته التربية الخاصة، في حين يذهب بعض الباحثين إلى حد القول, إن التربية غريبة عن الوطن العربي, ويبررون ذلك بأن الأنظمة التعليمية من حيث فلسفتها وأهدافها، هي في الغالب مستمدة من أنظمة الغرب ومنقولة من نماذج خارجية دون تفاعل جدي مع البيئة العربية, وبالتالي دون وجود نظام تربوي عربي متكامل، قادر على التفاعل مع متطلبات العصر، ومعطيات التقدم العلمي، فتحولت الأنظمة التربوية العربية إلى صيغة من الماضي، لاتملك الحيوية التي تتيح لها التفاعل مع الحداثة".


ولعل أهم المعطيات المشتركة للتربية العربية, أن التربية والتعليم لا يزالان من مسؤولية الدولة, وعدم التوازن بين أنواع التعليم ومراحله, والافتقار إلى النواحي العلمية في التربية, والارتجالية التي تطبع هذه الأخيرة, وعدم تميزها بالمرونة الضرورية...هذا ناهيك عن غياب ديموقراطية التعليم في الوطن العربي, بحكم تدني مستوى "الاعتراف بحرية الفرد العربي في اختيار الفرص التعليمية المناسبة لإمكاناته واستعداداته وقدراته وميوله ورغباته، وبحقه في تحرير عقله من ربقة الجهل, وفي التحرر من كل ما يحط من قيمته كإنسان"...وضمان الحق في المساواة أمام التعليم.

من هنا, ف"ديمقراطية التعليم التي تسعى الأمة العربية إلى تطبيقها في واقع أقطارها ومجتمعاتها, لا تزال في حاجة إلى مزيد من التأصيل والربط بقيم ومعتقدات وتراث الأمة العربية وثقافتها العربية الإسلامية الأصيلة، لأن هذا المفهوم مثل كثير من المفاهيم التربوية الأخرى التي يعج بها فكرنا التربوي الحديث, لا تزال تغلب عليه مسحة الثقافة الغربية التي أخذت منها في الأصل، أو بالأحرى تغلب هذه المسحة على التفسيرات التي يقترحها المربون العرب المحدثون".
ومن هنا أيضا, "فإن ربط الديمقراطية السياسية والاجتماعية وديمقراطية التعليم في الوطن العربي, بفكر وتراث الأمة العربية وبثقافتها العربية الإسلامية, لن يضيق من مفهومها, ولن يحد من تطبيقها ولا من انفتاحها على الفكر الإنساني والتجارب الإنسانية الناجحة، بل على العكس من ذلك، فإن ذلك الربط يزيدها تدعيما ويؤصلها, ويربط المعاصرة فيها مع الأصالة المرغوبة في كل فلسفة أو نظرية يراد تطبيقها في أمة غنية بفكرها وتراثها كالأمة العربية".


إلا أن تأصيل المبدأ الديمقراطي في الوطن العربي, ينبغي أن يبدأ بتحديد الفلسفة التي ينبغي أن تقوم عليها ديمقراطية التعليم في الوطن العربي، "على أساس من مبادئ الديمقراطية العامة ومن قيم وتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف وثقافتنا العربية الإسلامية، ومن مقومات وخصائص أمتنا العربية، على أن يتحقق في هذه الفلسفة جميع خصائص ومقومات وشروط الفلسفة التربوية الصالحة من أصالة وتجديد ومعارضة، وانفتاح على الفكر الإنساني والخبرة الإنسانية والتجارب الخارجية المثرية والنافعة، ومن وضوح وشمول واتساق وانسجام، وتوازن، ومرونة، ونظرة شاملة إلى الوجود وإلى الخالق والكون والحياة، وربط للحاضر بالماضي والمستقبل، وواقعية في المنطلقات دون إهمال للتطلع إلى الأفضل، بحيث تقبل الانطلاق مما يوفره الواقع العربي من إمكانات بشرية ومادية وفنية, مهما كانت متواضعة، وفي الوقت نفسه تسعى إلى تطوير وتجديد هذه الإمكانات باستمرار لتحقيق الأفضل والأمثل".

وتلاحظ الكاتبة, بهذه النقطة, أن أسس الفلسفة التربوية العربية المستقبلية يجب أن تنطلق من "الإيمان بأهمية التعليم كأهم أدوات التغيير والتطوير والتنمية الشاملة لكل من الفرد والمجتمع في الوطن العربي. فهو من جهة, الأداة الفعالة للكشف عن استعدادات الفرد وتفتيحها، وتنمية معارفه ومهاراته واتجاهاته المرغوبة، وصقل شخصيته والاتجاه بها في اتجاه النمو المتكامل المتوازن الذي يشمل جوانبها الجسمية والعقلية والعاطفية والوجدانية والروحية كافة", وفي إطار القيم والمبادئ التي يؤمن بها الوطن العربي, والتي "تؤكد الأصالة الذاتية للأمة العربية والقيم العربية الإسلامية, المتفاعلة مع قيم الحضارة الإنسانية المعاصرة في خير صورها, وتتلاءم مع أماني وطموحات وأهداف الأمة العربية".
ويجب أن ينطلق, فضلا عن كل ذلك, من "الإيمان بأن الإنسان هو العنصر الأول في عملية التنمية وبناء الحضارة, وعملية التغيير والتطوير التي تحدث في المجتمع. فهو منطلق التنمية ومحركها وهدفها وغايتها, والعامل الحاسم في عملية التغيير".


يحيى اليحياوي

الرباط, 15 فبراير 2007
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
"الأسس المعرفية والتكنولوجية للفكر ....
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الموقع التربوي: رشيد الكنبور المنتدى التربوي-
انتقل الى: